تهويد المسرح العربي
حول تهويد المسرح العربي يكتب الدكتور سيد علي إسماعيل أستاذ الأدب العربي الحديث بجامعة المنيا فيقول: أغلب الناس يظنون أن احتلال فلسطين كان في عام النكبة 1948م. والبعض الآخر يظن أنه كان عام 1917 بسبب وعد بلفور.. والقليل منا يظن أنه بدأ عام 1898 عندما أقيم المؤتمر الصهيوني الأول. والحقيقة التي أراها أن احتلال فلسطين بدأ إعلامياًَ عام .1895 ففي هذا العام نشرت مجلة "المقتطف" اليهودية - في مصر - خبراً يقول: "إن السبيل الوحيد لإبطال الحروب والخصومات بين ممالك الأرض. وربط الأمم كلها برباط الحب والإخاء هو أن ترد بلاد فلسطين إلي اليهود". هذه المقولة ظلت الصهيونية ترددها بكل وسيلة إعلامية ممكنة. حتي استطاعت اغتصاب فلسطين. وهذا الأسلوب الأعمي - للأسف الشديد - مازال يتبعه الكيان الصهيوني. وللأسف الأشد أنه ينجح في تحقيق أهدافه. وأكبر دليل علي ذلك أن "حائط البراق" - بالجدار الغربي للمسجد الأقصي - يسمي بهذا الاسم منذ أكثر من ألف وخمسمائة سنة» ولكن إعلام الكيان الصهيوني نجح في تغيير اسمه إلي اسم يهودي "حائط المبكي" في ستين سنة فقط!! هذه المقدمة أثرتها حتي أبدأ موضوعي - الذي سيستمر لعدة حلقات - عن تهويد المسرح العربي» لأنني أخشي أن يحتل الكيان الصهيوني مسرحنا العربي بحجة أنه يهودي المنشأ!! وهذا الادعاء الواهم لا أساس له من الصحة - كما سنري في حلقاتنا القادمة - فمن المعروف أن المسرح العربي بدأ في لبنان عن طريق جهود مارون النقاش عام 1848م. وبدأ في سوريا بجهود أبي خليل القباني عام 1865م. وأخيراً بدأ في مصر بجهود يعقوب صنوع - كما يتوهم الجميع - عام 1870م. هذا الترتيب التاريخي لم يرض عنه الإعلام الصهيوني فأراد تغييره لتصبح ريادة المسرح في سوريا ولبنان لليهود. وطالما الريادة في مصر ليهودي.. إذن ريادة المسرح في العالم العربي تعود إلي اليهود فقط» علي اعتبار أن مصر والشام هما أساس المسرح العربي في القرن التاسع عشر!! هذا المخطط الصهيوني لتهويد المسرح العربي سأكشف لكم تدبيره. وسأفند لكم مزاعمه في الحلقات القادمة.. فإلي اللقاء
تهويد المسرح العربي "2"
يواصل د. سيد علي اسماعيل كلامه حول "تهويد المسرح العربي" فيقول: مارون النقاش "1817 1855م" هو أول رائد مسرحي عربي استطاع ان يقدم مسرحا عربيا في بيته في لبنان. وكانت باكورة أعماله مسرحية "البخيل" تعريبا عن موليير عام 1847م. حيث قدمها لأول مرة أمام جمهور من الاصدقاء والجيران وعلية القوم.. هذه حقيقة تاريخية لا جدال فيها. كنا نكررها. ومازلنا نكررها. وسنظل نكررها.. معترفين بريادة هذا المسيحي للمسرح العربي.. ولكن اليهود والأصح الصهيونية لا يريدون قبول هذه الحقيقة. لذلك عملوا علي تغييرها لصالح اليهود!! كيف ذلك؟! مارون النقاش يملك حقيقتين. الأولي أنه قدم مسرحا عربيا "أو معربا". والأخري أن أول مسرحية كتبها "أو عربها" ومثلها كانت في عام 1847م. هاتان الحقيقتان بكل أسف اجتهد اليهود وأعوانهم في التشكيك فيهما. أملا في العصف بهما. ففي عام 1996م نشر "فيليب سادجروف" كتابه "المسرح في مصر في القرن التاسع عشر" د. أمين العيوطي. ونشره المركز القومي للمسرح في مصر عام 2007م. في هذا الكتاب جاءت هذه العبارة الغريبة: "ظهرت التجارب المسرحية التي قام بها مارون النقاش في سوريا في أواخر الأربعينيات من القرن التاسع عشر. ونشر أول مسرحية عربية كتبها ابراهام دانينوس "نزاهة المشتاق وغصة العشاق في مدينة طرياق في العراق" في الجزائر عام 1847م. هذه العبارة تعني أمرين: الأول أن مارون النقاش لم يقدم مسرحا. بل قدم تجارب لا ترقي لمستوي المسرح!! والأخري. أن مارون النقاش لم يكن صاحب أول نص مسرحي عربي "أو مُعرب". بل صاحب هذا الإنجاز من وجهة نظر مؤلف الكتاب كان يهوديا جزائريا اسمه "إبراهام دانينوس"!! والأغرب ان هذا اليهودي كتب مسرحيته في عام 1847م. أي عام ريادة مارون!! فأين مارون النقاش في التاريخ. وأين ريادته.. امام تخطيط اليهود لتهويد المسرح العربي؟! ومن هذا اليهودي المدعو "إبراهام دانينوس"؟ وما قصة مسرحية "نزاهة المشتاق.. إلخ"؟ وهل لها وجود فعلي؟ وهل كتبت عام 1847م حقيقة؟! كل هذه الاسئلة سأجيب عنها في حلقاتنا القادمة.. فإلي اللقاء
تهويد المسرح العربي "3"
يواصل د. سيد علي حديثه عن تهويد المسرح العربي فيقول: حاول "اليهود/الصهاينة" سلب ريادة مارون النقاش للمسرح العربي. عندما قالوا بأن اليهودي الجزائري "إبراهام دانينوس" ألف مسرحيته العربية "نزاهة المشتاق" عام 1847م. وهو عام ريادة مارون للمسرح. هذا الزعم قال به الباحث سادجروف بالاشتراك مع اليهودي العراقي "سامي موريس". الذي هاجر إلي فلسطين المحتلة وأطلق علي نفسه اسم "شامويل موريه". واصبح استاذا للأدب العربي في جامعة الكيان الصهيوني. هذان الشخصان الفا كتابا بعنوان "الحركة المسرحية عند يهود البلاد العربية في القرن التاسع عشر" اصدرته جامعة مانشستر عام 1996م. وفيه جاء زعمهما بأن إبراهام دانينوس هو رائد المسرح العربي لا مارون النقاش. وحاولا في كتابهما إثبات هذا الزعم. ولكنهما فشلا!! فدانينوس لم يمثل مسرحيته علي خشبة المسرح بعكس مارون النقاش الذي مثل مسرحيته "البخيل" بالفعل أمام الجمهور!! كما أن مخطوطة مسرحية "نزاهة المشتاق" المطبوعة بالحجر غير مؤرخة. ولا يوجد عليها أي إثبات تاريخي. بعكس مسرحية "البخيل" لمارون المؤرخة والمطبوعة في كتاب "أرزة لبنان". فكتاب "الحركة المسرحية عند يهود البلاد العربية" ذكر صراحة ان مسرحية "نزاهة المشتاق" تم اكتشافها من غير ذكر تاريخ لها أو مكان لنشرها. ثم تناقض الكتاب مع نفسه في موضع آخر وقال إنها ألفت حوالي سنة 1847م!! كما أن دانينوس يعد جاسوسا جزائريا متعاونا مع الاحتلال الفرنسي ضد أبناء وطنه. بعكس مارون التاجر الحر صاحب المكانة العربية الرفيعة!! والجدير بالذكر إن الدكتور الجزائري مخلوف بوكروح أعاد تحقيق مسرحية دانينوس عام 2003. وأثبت في تحقيقه أن مخطوطة المسرحية غير مؤرخة. وأنها محفوظة بالمكتبة الوطنية الجزائرية!! والسؤال الان: من أين جاء الزعم بأن مسرحية اليهودي دانينوس كتبت عام 1847م؟! أليس هذا التلفيق والكذب الغرض منه الشك في ثوابت المسرح العربي. ومحاولة تهويد المسرح العربي؟! والدليل علي ذلك أن شامويل موريه عام 1997. أي بعد عام واحد من الزعم السابق. حقق ونشر مسرحية يهودية بعنوان "الأحمق البسيط" لحبيب مالطي. وفي مقدمتها قال: "وبهذا يكون إبراهام دانينوس قد سبق مارون النقاش منشئ المسرح العربي". وكأن الزعم بريادة دانينوس للمسرح العربي أصبحت حقيقة يعتمد عليها في الأبحاث العلمية!! هذا هو المخطط الصهيوني الأول لتهويد المسرح العربي.. أما المخطط الثاني الخاص بالمسرحي اللبناني اليهودي "زاكي كوهين" ففي الحلقة التالية نتعرف عليه
تهويد المسرح العربي "4"
قال د. سيد علي في حلقته الرابعة حاول اليهودي العراقي سامي موريس. أو شامويل موريه أستاذ الأدب العربي في الجامعة العبرية في كتابه "الحركة المسرحية عند يهود البلاد العربية" المنشور في جامعة مانشستر 1996 حاول إقحام اسم اليهودي "زاكي كوهين" ضمن رواد المسرح العربي في بيروت!! فكوهين هذا كما جاء في الكتاب أسس "كلية عربية يهودية" لتعليم الطلاب عام 1874. وعاونه في هذا ابنه سليم زاكي كوهين. ومن خلال هذه الكلية عمل الأب وابنه في تأليف مسرحيات عربية كانت تمثل داخل الكلية بواسطة طلابها. ويبرر مؤلف الكتاب الصهيوني تطرقه إلي نشاط كوهين وابنه في مجال المسرح. ان الأدباء والنقاد لم يلتفتوا إلي نشاط اليهود المسرحي في العالم العربي. بقدر اهتمامهم بالمسرحيين المسلمين والنصاري. ثم يأتي المؤلف بمجموعة من أسماء المسرحيات التي كتبها سليم كوهين. والتي مثلت في العقدين الأخيرين من القرن التاسع عشر. ومنها: انتصار الحق. وعودة السعادة. وكشف الحجاب. والسر الخفي. والمقامر. وبدر واخوانها. والمسرف. وهذه المسرحيات لم يقتصر تمثيلها أمام طلاب الكلية وأساتذتها. بل تخطي هذا الأمر إلي تمثيلها أمام الحاكم وبعض المسئولين والنبلاء في مجتمع بيروت الواسع. كما أكد مؤلف الكتاب ان هذه المسرحيات كانت حدثاً غير عادي. وكانت أخبار تمثيلها تحتل الصفحات الأولي من الصحف العربية. هذه المعلومات الخطيرة هدمها مؤلف الكتاب عندما قال انها معلومات لم ترد في بحوث سابقة!! فمن أين جاء بها؟؟ عموما هذا التخطيط الصهيوني المفضوح لتهويد المسرح العربي أرد عليه بالآتي: اختيار عام 1874 لبداية نشاط كوهين المسرحي. الغرض منه النيل من دور المسيحي سليم النقاش الذي بدأ نشاطه المسرحي في بيروت في العام نفسه .1874
تهويد المسرح العربي "5"
يواصل د.سيد علي إسماعيل حديثه عن تهويد المسرح العربي وقال علمنا مما سبق إن الصهيونية أرادت إقحام اسم سليم زاكي كوهين ضمن رواد المسرح العربي. حتي يسلبون جهود سليم النقاش المسرحية في بيروت. ويبدلون رائداً هشاً برائد حقيقي. ومن خلال بحثنا وجدنا معلومات مهمة عن كوهين هذا ونشاطه المتواضع المريب نشرتها مجلة "المقتطف. والهلال" بين عامي 1884 1897م. فعلمنا أن الكلية الإسرائيلية التي أنشأها كوهين ما هي إلا "كتاب/حضانة" لتعليم الأطفال. وأن المسرحيات التي كتبها كوهين ومثلت داخل هذا الكتاب. هي مسرحيات مدرسية دينية لأطفال الأسر اليهودية الفقيرة من أجل نشر الأفكار الصهيونية في نفوس الأطفال منذ الصغر. ومدرسة كوهين هذا كانت متواضعة ومتعثرة تتسول ميزانيتها من أغنياء مصر كما قالت مجلة الهلال عام 1895 ومع استمرار التعثر تم إغلاقها عام 1895. لذلك هاجر سليم كوهين إلي مصر وقطن في الإسكندرية. وابتكر أسلوباً شاذاً في الكتابة العربية. نشرته مجلة الهلال عام 1897 تحت عنوان "الرسائل الخفية في المكاتبات السرية" أي الكتابة بالشفرة. وهو أسلوب الجواسيس في الكتابة والمراسلات. ويعد كوهين مبتكر هذا الأسلوب في الكتابة العربية الحديثة. وخلاصة الأمر أن الصهاينة يبحثون في التاريخ عن أي شبهة نشاط مسرحي لأي يهودي عربي متواضع ولا يمنع أن يكون جاسوساً حتي يطلقون عليه صفة الرائد. ظناً منهم أنهم يكتبون عن شخصيات مجهولة لا مراجع لها ولا توثيق. وبناء علي ذلك فقد خاب مسعي الصهيوني شامويل موريه أستاذ الأدب العربي في الجامعة العبرية في كتابه "الحركة المسرحية عند يهود البلاد العربية" المنشور في جامعة مانشستر 1996. وفي حلقتنا القادمة سنتحدث عن رائد اليهود الثالث أنطوان شحيبر
تهويد المسرح العربي "6"
قال د. سيد علي اسماعيل إن اليهودي العراقي سامي موريس. أو شامويل موريه استاذ الأدب العربي في الجامعة العبرية في كتابه "الحركة المسرحية عند يهود البلاد العربية" المنشور في جامعة مانشستر 1996 نشر مجموعة من نصوص المسرحيات المدرسية العربية المخطوطة منسوبة إلي "انطون شحيبر". وهي: المريض الوهمي. ومدعي الشرف. وانتصار الفضيلة أو حادثة الابنة الإسرائيلية. وناكر الجميل. وذبيحة اسحاق. وهذه المسرحيات اغلبها مترجم أو معرب. وادعي الكاتب الصهيوني شامويل أن اليهودي أنطون شحيبر من رواد المسرح العربي. وأنه بدأ نشاطه المسرحي عام 1876. من خلال عمله مدرسا في المدرسة الاسرائيلية. واللافت للنظر ان مؤلف الكتاب الصهيوني حاول بكل وسيلة ممكنة وغير ممكنة ايهام القراء بأن انطون شحيبر يهودي. لأن المؤلف يشك في ديانته. ورغم هذا الشك أصر في نهاية الأمر علي يهودية ديانة شحيبر! وبالبحث وجدت انطون شحيبر مسيحيا حيث نشرت له مجلة المقتطف عام 1883م خطبة ألقاها في جمعية شمس البر. يدور موضوعها حول أثر الخطابة في انتشار الديانة المسيحية. واستشهد شحيبر في خطبته هذه بأقوال من الانجيل.
كما ذكرت مجلة الصفا عام 1887 أن انطون شحيبر هو كبير أساتذة مدرسة كفتين المسيحية في طرابلس الشام. واخيرا اشارت مجلة المقتطف عام 1888 إلي أن طلاب مدرسة كفتين مثلوا مسرحية "ناكر الجميل" لأنطون شحيبر. وكان من تلاميذ المدرسة فرح أنطون. الذي اصبح من أشهر الادباء فيما بعد. وهذه الحقائق كلها تعصف بأكاذيب الصهيونية. وتكشف مدي تطاولهم علي تاريخ المسرح العربي. واسلوبهم في سلب تاريخ نشاط المسلمين والمسيحيين المسرحي كي يكتبوا تاريخا مسرحيا يهوديا ملفقا. وهكذا تحطمت ريادة اليهود للمسرح العربي. كما جاءت في كتاب "الحركة المسرحية عند يهود البلاد العربية" ولم يبق للصهيونية رائد سوي المصري "يعقوب صنوع" رائد المسرح المسرحي كما كنا نتوهم. وهذا الوهم هو محور حلقاتنا القادمة
تهويد المسرح العربي 7
يواصل د. سيد علي إسماعيل حديثه عن تهويد المسرح العربي مؤكدا عبارة "يعقوب صنوع رائد المسرح العربي في مصر" هي العبارة الوحيدة التي لازمت سيرة صنوع في جميع الدراسات والكتب ورسائل الماجستير والدكتوراة العربية والأجنبية التي كتبت عنه وكذلك في جميع وسائل الإعلام العربية والعالمية حتي الآن؟ وهذه الريادة يلهج بذكرها كل صهيوني أو يهودي في العالم ليثبت أن صنوع هو الرائد اليهودي للمسرح العربي في مصر.. أي أن اليهود رواد المسرح في أهم بلد عربي!! والغريب أن هذه الريادة لم يذكرها أي إنسان إلا صنوع نفسه في كتاباته ومذكراته الملفقة. عندما قال: إنه أنشأ المسرح العربي في مصر عام 1870م واستمر حتي 1872 وفي هذه الفترة كما يقول صنوع إنه ألف اثنتين وثلاثين مسرحية. وكون فرقتين مسرحيتين ضمتا فتاتين وعرض مسرحيته "الضرتين" 53 مرة ومسرحيته "آنسة علي الموضة" 100 مرة وبلغت عروضه في عامين أكثر من 300 ليلة عرض وكانت الجماهير تحضر بالآلاف وظل مسرحه يعمل حتي أمر الخديو إسماعيل بإغلاقه عام 1872م وبناء علي هذه المعلومات والأرقام أطرح علي القاريء هذا اللغز في صور أسئلة: كم إعلان حصلنا عليه لمئات عروض صنوع المسرحية؟ وكم مقالة مادحة أو قادحة نشرت عن هذه العروض المسرحية؟ وكم صحفي أدلي برأيه في هذه العروض؟ وكم وثيقة وجدناها تتعلق بهذا النشاط المسرحي الريادي؟ وكم وثيقة وجدناها تتعلق بإنشاء أو بإغلاق هذا المسرح؟ وكم حوار وجدناه منشورا لأعضاد فرقتي صنوع المسرحية؟ وكم مقالة نشرت لمدح أو ذم أول فتاتين مصريتين تعملان في المسرح؟ وكم؟.. وكم؟.. وكم؟ عزيزي القاريء إليك الإجابة: لم أجد سطرا واحدا منشورا يجيب من قريب أو من بعيد علي سؤال واحد من هذه الأسئلة طوال الفترة ما بين عامي "1870 1872م" وهي فترة النشاط المسرحي المزعوم لصنوع تبعا لأقوال صنوع نفسه عن نفسه!! إذن كيف تسلل يعقوب صنوع ونشاطه المسرحي المزعوم إلي تاريخ المسرح العربي؟! الإجابة في الحلقات القادمة
تهويد المسرح العربي "8"
يواصل د. سيد علي إسماعيل حديثه حول تهويد المسرح العربي أول من أدخل يعقوب صنوع المشهور بأبي نظارة في تاريخ المسرح المصري ونصبه فيه رائداً هو المؤرخ الصحفي اللبناني فليب دي طرازي عندما كتب "خمس صفحات فقط" عن حياة واعمال صنوع المسرحية في كتابه "تاريخ الصحافة العربية" عام 1913 أي بعد وفاة صنوع بعام واحد مما أضفي علي الصفحات مصداقية لا نظير لها بدأ طرازي كلامه عن صنوع قائلاً: "لا نظن أحداً من كتبة الأعارب والأعاجم في هذا العصر يجهل اسم الشيخ أبي نظارة المصري الذي اشتهر ذكره في الخافقين" وبعد هذا الإقرار الكاذب بشهرة صنوع المتوهمة تحدث طرازي عن مسرح صنوع قائلاً: "في سنة 1870 أنشأ صنوع أول مسرح عربي في القاهرة بمساعدة الخديو إسماعيل الذي منحه لقب موليير مصر ونشطه علي عمله وشهد مراراً تمثيل رواياته فألف صاحب الترجمة "أي صنوع" حينئذ اثنتين وثلاثين رواية هزلية وغرامية لم يزل صداها يرن في آذان الشيوخ علي ضفاف النيل" وهذه العبارة الموجزة في كتاب طرازي كانت الباب الذي فتح علي مصرعيه أمام جميع من كتب من الكتاب والنقاد العرب والأجانب عن صنوع كرائد مسرحي مصري بعد ذلك فانهالت المقالات والدراسات والكتب الضخمة بناء علي هذه العبارة فقط عزيزي القاريء لا تتعجب عندما أقول لك ان كاتب هذه الأسطر هو صنوع نفسه لا طرازي كما كنا نعتقد!! وهذه الحقيقة ظلت سراً خفياً منذ عام 1913 إلي عام 1987 عندما نشر في لندن كتاب باللغة الإنجليزية بعنوان "يهود مصر" به دراسة للصهيوني "شامويل موريه" بعنوان "يعقوب صنوع: صفاته الدينية وعمله في المسرح والصحافة وفقاً لأرشيف العائلة" وهذه الدراسة تضمنت مجموعة من الخطابات الخاصة بصنوع أهمها خطاب من طرازي إلي صنوع في عام 1911 وهذا الخطاب سيكون موضوع حلقتنا القادمة
المصدر: سلسلة مقالات تحت عنوان ثابت (تهويد المسرح العربي): نشرتها جريدة (الجمهورية) المصرية في صفحة المسرح المتخصصة، التي تنشر كل يوم أحد – تحت إشراف الأستاذ الناقد/ حسن سعد. وبدأت هذه الحلقات في النشر أسبوعياً ابتداءً من يوم الأحد الموافق 14/3/2010، ومازالت تنشر تباعاً حتى الآن.