العقيد / محمد الفاتح كريم
قائد اللواء الثانى المشاة من الفرقة التاسعة عشر المشاة المصرية والذى صدر له الأمر يوم الاثنين 8 أكتوبر وبعد مشاركته فى صد هجوم العدو الرئيسى بنجاح
صدرت له الأوامر بالتقدم بقواته لتحرير جبل المر الذى تؤثر نيران القوة الإسرائيلية الموجودة عليه على الفرقة 19 بالكامل وتهددها بالفشل فى تنفيذ مهمتها لتحكم الجبل فى كل المنطقة المحيطة به
وبالطبع كان قائد الفرقة العميد / يوسف عفيفى يعرف هذه القاعدة ويعرف أنها مهمة مستحيلة
ولكنه أيضا كان يعرف الفاتح كريم الصعيدى الذى لا يعترف أن هناك شيء اسمه مستحيل ويؤمن أن له ثأر عند اليهود ورجال الصعيد الأخذ بالثأر عندهم أهم من الحياة
وهكذا تقدم الفاتح كريم بقواته لتنفيذ المهمة
وتنهمر النيران الإسرائيلية من فوق الجبل ومعها الصواريخ الأمريكية المضادة للمدرعات والتى وصلت من أمريكا بطائرات شركة العال الإسرائيلية صباح الثامن من أكتوبر
وتقوم بتدمير بعض العربات فيقرر الرجل ترك العربات المدرعة حيث أن تدمير إحداها يعنى استشهاد كل من فيها
ويأمر أن يترجل الجنود جميعا ويحتموا بالأرض من الموت القادم من قمة الجبل
وياتى الليل ومازالت النيران تنهمر كالسيل الجارف من قمة الجبل فالقوات الإسرائيلية تملك من الأجهزة الأمريكية ما يتيح لها القتال ليلا ولا تملك القوات المصرية هذه القدرة
إنها لحظة فاصلة أدركها الرجل
فبعد ساعات تشرق الشمس ويأتى الطيران الاسرائيلى أيضا
إذا يجب الاستيلاء على الجبل قبل أن تشرق الشمس
ولكن كيف إن نيرانهم تؤثر عليه وهو لا يملك القدرة على القتال الليلى ونيرانه غير مؤثرة عليهم واى حركة معناها الموت
لحظة فاصلة وصل إليها الرجل
التشبث بالحياة أم الذهاب وتحدى الموت
لحظة حسمها الرجل
فالتقط بندقيته ونهض واقفا وصرخ
الله اكبر
وسأله ضباطه المحيطين به على فين يا أفندم
فقال طالع الجبل
وهم يعرفون قائدهم وإصراره على تنفيذ ما يريد
وتقدم وحده صاعدا غير مبال بالموت وكأنه يبحث عن الاستشهاد
وانتفض ضباطه وجنوده
وكأن روح الاستشهاد التى تملكته قد انتشرت فيهم جميعا
وتسابقوا للسير أمامه مشكلين من أجسادهم دروعا بشرية تمنع النيران من الوصول إليه
وهو يحاول أن يسبقهم وصرخته تهز الجل
الله اكبر
ويردد الرجال الصرخة من وراءه
وينهض الجميع ويتسابقون إلى الاستشهاد
ويفاجأ القائد الاسرائيلى أن سيل نيرانه هو والقوات التى معه غير قادر على إيقاف المصريين الذين يبدو أنهم قد عقدوا العزم على الاستشهاد جميعا على مطالع جبل المر الذى يهتز تحت صرختهم المدوية الله اكبر
إنهم يبحثون عن الموت ويقرر أن ينسحب بقواته قبل أن يصل إليه هؤلاء المصريين الغاضبين
وتشرق الشمس وقد وقف الفاتح يؤم رجاله لصلاة الفجر على قمة جبل المر
ويصدر الأمر بتغيير الاسم الرسمي لجبل المر ليكون جبل الفاتح
تحية للرجل الذى هزم الجبل وتحدى المنطق والمستحيل وكل البديهيات العسكرية
وانتصر عليهم
وتحية إلى أرواح الشهداء الذين جادوا بحياتهم على مطالع جبل الفاتح
تحية إلى العقيد / محمد الفاتح كريم