أراجوزات المعارضة
فى كل دول العالم للمعارضة ملامح وقسمات محددة، فهذه كتلة اليسار، وتلك تمثل اليمين المحافظ، وثالثة ليبرالية، وأخرى وسطية.. وهكذا، إلا مصر التى تمتلك نمطا عجيبا وخليطا غريبا من المعارضة البرلمانية، التى تشبه ثوبا مرقعا، تم تجميع قطعه من هنا وهناك، فجاء فى شكله النهائى أقرب إلى زى البلياتشو.
والحاصل أن برلمان مصر الجديد يبدو من بعيد وكأنه متعدد ومتنوع، بينما هو فى حقيقة الأمر ليس أكثر من ثوب صنعه الحزب الوطنى على يديه، مستخدما قطعة من هنا، وخرقة بالية من هناك، لدرجة أنه فى جولة انتخابات الإعادة كاد أن ينشر إعلاناته على الحوائط والواجهات تحت شعار «مطلوب معارض للنجاح فى الانتخابات وبمكافآت مجزية».
الذى حدث أن الورطة التى وجدت فيها الحكومة نفسها مع انسحاب الإخوان والوفد، دفعتها للتضحية ببعض أبنائها من أجل إنجاح أى شخص يحمل رخصة معارض، بصرف النظر عن سريانها من عدمه.
وإذا كان حزب الحكومة له من المبررات ما يجعله يقدم على عملية ترقيع البرلمان على هذا النحو المضحك، فإن العجيب هو تصرف أولئك الذين كانوا يطرحون أنفسهم على أنهم معارضون أشداء وبواسل، وفجأة تحولوا إلى دجاجات تصيح وتلتقط ما ينثره الحزب الوطنى من حبوب معطوبة ومقاعد مثقوبة، ولم يخجلوا من أنفسهم وهم يتسللون لواذا من صفوف التنسيق الحزبى، ليحصلوا على مقعد.
وعلى الرغم من سوداوية المشهد وكارثية وضع أحزاب المعارضة المصرية، فإن ما جرى فى الانتخابات الأخيرة قد يكون تلك الضارة النافعة، التى من شأنها أن تدفع المعارضين الحقيقيين إلى تطهير أرضية أحزابهم مما علق بها من روث سياسى جعل هذه الأحزاب أقرب إلى حظائر خلفية للحكومة، منها إلى كيانات وتجمعات سياسية محترمة، ترى أنها تصلح لتكون بدائل حقيقية، وتطرح نفسها للعب دور البطولة، دون الاكتفاء بدور الكومبارس أو المهرج أو محترف الصياح فى خلفية المسرح.
وأظن أن هذه فرصة حقيقية كى تتطهر الأحزاب ــ الحقيقية ــ من خطيئة لقاءات الظلام، والصفقات التحتية مع الحزب الحاكم، من خلال محاسبة قياداتها على ما اقترفوه من أخطاء فادحة منحت غطاء شرعيا لانتخابات أبعد ما تكون عن الشرعية والنزاهة والنظافة، وجعلت هذه الأحزاب أضحوكة أمام أعضائها، وأمام المواطن المصرى.