مناضلون أمام منصات القضاءالخميس، 11 نوفمبر 2010 - 22:59
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] د. عبد الجليل مصطفى
أكرم القصاص
أبوعيطة أخرج الموظفين عن صمتهم.. وأبوالغار وعبدالجليل دافعا عن استقلال الجامعة.. والبدرى أحيا حقوق أصحاب المعاشات.. ويحيى حسين كشف الفرق بين الخصخصة والتلاعب.. وخالد على أجبر الحكومة على مناقشة الحد الأدنى للأجور
بعض الذين خذلتهم السياسة نجحوا فى تشكيل جماعات فئوية نجحت فى رفع الوعى العام
تجارب هذه الأسماء تعطى الأمل فى إمكانية حدوث تغيير حتى ولو كان بطيئاً
أحياناً يشعر بعض أنصار التغيير أنه لا أمل، بالنظر إلى فشل الحركات الاحتجاجية وضعف المعارضة, لكن النتائج التى يحققها نشطاء فى مناطق وقضايا تساهم فى التغيير أمام منصات القضاء، وفى الجامعات، ودواوين الحكومة، وخلف عشرات القضايا المثارة وأحكام القضاء الإدارى، هناك آباء روحيون، ومحامون ونشطاء سياسيون، اختاروا العمل الفئوى بجانب السياسى، نجحوا أحيانا وأخفقوا فى بعض الأحيان، لكنهم ساهموا فى رفع الوعى، بعضهم ليسوا فى حاجة إلى كسب إعلامى، وأغلبهم متطوعون يقدمون هذا لأنهم يرون الوطن أفضل وأكثر استقلالا، واختاروا النضال بالقانون بجوار العمل فى الشارع، وكشفوا أن السعى لسيادة القانون يساهم فى التغيير ولو ببطء.
خلف حكم الإدارية العليا بإخراج الحرس من الجامعة يقف أساتذة مثل محمد أبوالغار، وعبدالجليل مصطفى، ومعهم أعضاء جماعة 9 مارس، كما كانت تحركات الضرائب العقارية مشجعا ودافعا للموظفين للخروج إلى الاحتجاج، رغم ما راج عنهم أنهم مترددون، ولعب فيه كمال أبوعيطة دورا مهما، بخبرته الواسعة التى وظفها فى مكانها، كما أن خالد على ومركزه للحقوق الاقتصادية والاجتماعية بذل جهدا فى قضية تحديد الحد الأدنى للأجور حتى حصل عليه، ولايمكن إنكار دور البدرى فرغلى فى إحياء حقوق أصحاب المعاشات، والدور الذى لعبه حمدى الفخرانى، المحامى، أمام القضاء الإدارى، حتى حصل على أحكام ببطلان عقد أرض «مدينتى».
هؤلاء الذين يصبرون على دعاوى قانونية، ومباريات قضائية طويلة مع السلطة، يثبتون أن ساحات العمل لا تقتصر على الشارع، كانت هذه التحركات مشمولة فى الكثير من الأحيان بدعاوى قضائية أمام القضاء وحصلوا على أحكام ضد السلطة التنفيذية، وقبل رفع القضايا كانت الحكومة تتجاهل مطالب الفئات المختلفة، لكنها تضطر بعد صدور الأحكام للرد والتبرير، وربما يستغرق التنفيذ سنوات، لكن هذا لا ينفى أن هذه الأحكام صنعت حركة اجتماعية واقتصادية تتخذ من القانون والقضاء وسيلة، ولاتكتفى بالاحتجاجات التى قد تنطفئ ما لم تجد سندا قانونيا.
أبوالغار وعبدالجليل.. نحو الاستقلالمن ينكر دور الدكتور عبدالجليل مصطفى فى دعوى إلغاء وجود الحرس داخل الجامعة، ومعه الأب الروحى لحركة 9 مارس الدكتور محمد أبوالغار، وكلاهما أستاذ فى الطب، الدكتور محمد أبوالغار، عالم وأحد علماء الطب وله أبحاث ودراسات مهمة فى طب التلقيح الصناعى، كما أن الدكتور عبدالجليل مصطفى أستاذ ناجح فى أمراض القلب والباطنة وله دراساته وتلاميذه، وكلاهما تحقق مهنيا واجتماعيا ولا لوم عليهما لو انضما إلى الأغلبية الصامتة، لكنهما فضلا العمل العام بدأب وصبر، من كل الاتجاهات، وأسس أبوالغار جماعة 9 مارس تيمنا بأستاذ الجيل وأول رئيس للجامعة المصرية أحمد لطفى السيد، الذى استقال فى 9 مارس 1930 بسبب قرار وزير المعارف بنقل طه حسين إلى ديوان الوزارة.
جماعة 9 مارس منذ نشأتها ركزت على فكرة استقلال الجامعة، وكانت مطالبهم أغلبها تتعلق بالحرية الأكاديمية وتكافؤ الفرص، وإبعاد الحكومة والإدارة عن البحث العلمى، وهى خطوات يمكن أن تقود إلى استقلال الجامعة، لأن تكافؤ الفرص هو المقدمة ليسود المتفوقون، بعد أن سادت قضية توريث المناصب الأكاديمية، وإيصال أبناء وأقارب الأساتذة والمسؤولين إلى المواقع الأكاديمية بدون وجه حق، والتدخل الحكومى يجعل الأستاذ مديناً بموقعه لآخرين، وليس للجامعة، ولا للبحث العلمى. حركة 9 مارس أرادت استعادة القيم الحقيقية للجامعة ونقلها إلى الأجيال الجديدة التى تفتقد القدوة، وهى ترى أساتذة يهينون أنفسهم وعلمهم ومكانتهم مقابل منصب أو مكسب.
الدكتور عبدالجليل مصطفى شارك فى كفاية وفى اللجنة الوطنية، وهو منسقها العام، لكن إنجازه فى جماعة 9 مارس كان الأكبر، وهو الذى وقف وراء دعوى إلغاء الحرس الجامعى حتى حكم الإدارية العليا.
خالد على ومعركة الحد الأدنىومن حكم إخراج الحرس من الجامعة، إلى حكم الإدارية العليا، والذى يلزم الحكومة بتحديد حد أدنى للأجور، ووراء الحكم يقف الناشط والحقوقى خالد على، المحامى، الذى تبنى من خلال مركز الحقوق الاقتصادية والاجتماعية الدعوى منذ البداية، وحصل على حكمين من القضاء الإدارى بتحديد حد أدنى للأجور، واستند إلى القانون الذى يلزم المجلس الأعلى للأجور بوضع حد أدنى للأجور
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] كمال أبوعطية
خالد على، مدير المركز المصرى للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، هو الذى كشف فى الدعوى أن المجلس القومى للأجور الذى يضم 6 وزراء و2 رؤساء أجهزة مركزية كبرى، لم يقم بدوره الذى حدده القانون، وظل طوال سنوات دون تحديد الحد الأدنى للأجور المحدد بـ35 جنيها منذ عام 1984، ودخل فى مواجهة قضائية أمام القضاء الإدارى، كسبها فى الجولة الأولى والثانية، ولايزال يواصل تحركه لتنفيذ الحكم الذى تحاول الحكومة المماطلة فى تنفيذه، فقد أجبرت الدعوى وأحكام المحاكم الحكومة على التحرك وانعقد المجلس الأعلى للأجور.
يحيى حسين.. زرقاء اليمامة فى عمر أفندىومن الأجور إلى الخصخصة نجد شخصية مثل المهندس يحيى حسين عبدالهادى، الذى لم يكن له نشاط سياسى، ولا معارض، ولا ضد برنامج الخصخصة، لكنه كشف وجود مخالفات وتلاعب فى صفقة بيع عمر أفندى، وكان عضوا فى لجنة التقييم، وكشف أن البيع تجاهل التقييم، وتقدَّم يحيى حسين ببلاغ للنائب العام ضد صفقة بيع «شركة عمر أفندى».
يحيى صعيدى تخرج فى الفنية العسكرية، وقضى حياته فى القوات المسلحة، وكان أحد مؤسسى معهد إعداد القادة الذى كان تابعاً لرئاسة الوزراء, ثم انتقل لوزارة الاستثمار، وأصبح مديراً للمركز ووكيلاً لوزارة الاستثمار، وشغل عضوية اللجنة الرئيسية لتقويم عمر أفندى، وكان مع انتقاله للقطاع الخاص، وأن يكون دور الدولة ضبط الأسعار ومنع الاحتكارات، لكنّه فوجئ بأن ما يحدث ليس مجرد خصخصة.
اللجنة قدرت ثمن الشركة بحوالى 1300 مليون جنيه، وفوجئ بأن البيع تم بـ550 مليوناً، وقدم بلاغا للنائب العام اتهم فيه وزير الاستثمار وقتها محمود محيى الدين، والقائمين على البيع، بإهدار أكثر من 700 مليون جنيه من أموال المصريين، وكأنه كان يرى المستقبل، فقد تدهورت أحوال عمر أفندى بعد بيعه لـ«أنوال»، وتمت تصفية العمالة، وتعثرت الشركة وانتهى صرح اقتصادى كبير، وتم البيع لشركة أخرى.
انخرط يحيى حسين فى حركات احتجاجية، ودفع ثمن موقفه، فى تخفيض منصبه وراتبه. ويقول: «كنت أسمع عن بعض الفساد والعمولات فى الخصخصة، لكنّ ما عايشته فى «عمر أفندى» كان كارثة وأصبح التخلص من قاعدة ضخمة بناها الشعب على مدى عقود مرهوناً بمزاج ومصلحة فرد لم يختره الشعب ولم يفوّضه.. يحيى حسين كان أحد القيّمين على الخصخصة، ولم يكن أحد المتضررين منها، وقام بدوره فى التحذير والدفاع عنها ولم يكتم الشهادة.
البدرى وحقوق أصحاب المعاشاتوفى السياق نفسه يأتى دور البدرى فرغلى، عضو مجلس الشعب السابق، الذى وجد قضيته فى أصحاب المعاشات ومصالحهم المهدرة، فبدا فى تبنى القضية وجمع لها مؤيدين، وشكل اتحاد أصحاب المعاشات الذى وضع لنفسه هدفا هو الدفاع عن مصالح 8 ملايين صاحب معاش، واسترداد حقوقهم، وأوصل الأمر إلى القضاء الإدارى، وحصل على حكم باسترداد حقوق أصحاب المعاشات المهدرة، وتقدم البدرى ليضع قانونا للاتحاد دفع به إلى النواب المؤيدين للفكرة، وتقدم إلى المحكمة الدستورية لزيادة العلاوة الاجتماعية 10 %، للمعاشات أسوة بالموظفين، ونجح فى عقد مؤتمر لأصحاب المعاشات.
أبوعيطة.. ضمير الموظفينوإذا كانت حركة موظفى الضرائب العقارية للمطالبة بحقوقهم بداية لخروج الموظفين من بياتهم الدائم، فكثير من الفضل يعود إلى كمال أبوعيطة الذى قاد موظفى الضرائب العقارية، وواصل تحركه لإشهار نقابة مستقلة لهم. ومع أنه كان «الدينامو» الذى حرك أحداث وتحركات موظفى الضرائب العقارية فى مواجهة الحكومة ووزير المالية، فإنه لم يظهر أى نوع من التعالى.
وبالرغم من أنه ناشط سياسى منذ ثلاثة عقود على الأقل، انتظم فى الكثير من الحركات الناصرية والسياسية، فقد أبعد كل هذا، وحرص على أن تكون حركة موظفى الضرائب لها أهدافها، ولهذا نجح الاحتجاج الذى استمر أسابيع, أبوعيطة يعترف فى أحيان كثيرة أنّ سر نجاح الحركة النقابية يكمن فى تخلّيها عن المفاهيم البالية فى الحياة السياسية المصرية، وبينها مفهوم الزعيم والأتباع، وهى الطريقة التى أبعدت القوى السياسية عن الجمهور، واعتبر أن عدم إخضاع نضال الموظفين للمصالح الحزبية هو الخدمة الأكبر التى يمكن أن تقدّم لنضالهم وللحياة السياسية، كل هذا دون أن يتخلى عن نشاطه السياسى أو يخلط بينه وبين حركة الموظفين.