عمرو بدر يكتب: "سقوط الديكتاتور".. سيناريو واقعي
الإثنين, 17-01-2011 -
عمرو بدر
"سقوط الديكتاتور".. سيناريو واقعي!!
المشهد " 1 " مكتب الرئيس .. نهار داخلي
الرئيس يجلس علي مكتبه و امامه وزير داخليته و يبدو الرئيس في حالة من الغضب تبدو علي ملامحه وهو يتحدث بصوت مرتفع : -
الرئيس : يعني ايه مش عارفين تسيطروا علي شوية العيال اللي عاملين المظاهرات ؟ يعني ايه بيطالبوا بفرص عمل و تخفيض للاسعار هما مش عارفين احنا بنعمل ايه علشانهم ؟ ايه قلة الادب دي !!
وزير الداخلية و قد ظهرت علي ملامحه علامات الخوف و الارتباك من حديث الرئيس " الديكتاتور "
الوزير : يا فندم احنا بنحاول نسيطر علي المظاهرات بكل قوة لكن المشكلة انها بتزيد كل يوم و بينضم ليها اعداد جديدة و الغريب ان مفيش بينهم تيارات سياسية نقدر نقول انهم بيحركوها دول ناس عاديين و كل اللي بيطالبوا بيه من شغل و مرتبات و غيره بيغري ناس جديدة انها تنضم ليهم !
الرئيس و قد اثار الكلام غضبه اكثر و بدا علي حالة شديدة من الغضب و اصبح يخبط بيده علي المكتب :
الرئيس : ايه الكلام الفارغ اللي انت بتقوله ده .. انا مليش دعوة بكل ده انا عاوز بكرة الصبح تكون " الفوضي " دي انتهت " بأي طريقة " سامع يا سيادة الوزير " بأي طريقة " .
الوزير و قد بدا عليه عدم الاقتناع رغم ان ما في يدور في ذهن الرئيس قد وصل اليه يهز رأسه و يرد باختصار و هو يستأذن في الانصراف :-
الوزير : امرك يا فندم .. اكيد هننهي التمرد ده بأي طريقة بكرة !
الوزير يمد يده مصافحا الرئيس و هو يهم بالانصراف لكن الرئيس يمد يده بلا اهتمام دون ان ينظر الي الوزير!
قطع
مشهد " 2 " .. مكتب وزير الداخلية .. نهار داخلي
اجتماع بين وزير الداخلية و بين كبار قيادات الاجهزة الامنية ..
الوزير يشعل سيجارة و يتحدث الي قيادات الوزارة و يبدو علي حالة من الارتباك و العصبية :
الوزير : انا لسة جاي من لقاء مع الرئيس ، الرئيس غضبان جدا و عاوز المظاهرات تنتهي بأي شكل بكرة الصبح .. اولا عاوزين ننفذ الطلب ده فورا .. ثانيا عاوزين نعمل حالا تقدير للموقف و شكل المظاهرات و عدد المشاركين فيها و اماكن تجمعهم علشان نقدر نحط خطة تمكننا من تنفيذ طلب الرئيس .
الكاميرا تتركز علي وجوه القيادات الامنية التي تستمع بتركيز لحديث الوزير و يبدو عليها الحيرة و عدم الاقتناع :-
احد القيادات الامنية " رئيس امن الدولة " : يا سيادة الوزير احنا في جهاز امن الدولة عندنا تصور و خطة لطريقة التعامل مع المظاهرات لكن المشكلة ان الامور المرة دي صعبة علشان المظاهرات ليها طابع اجتماعي و المطالب كلها مرتبطة بالاسعار و الشغل و الكلام عن الفساد و غيره و ده هو اللي بيخلي المظاهرات تزيد كل يوم .. المظاهرات بدأت من 5 ايام و المشاركين فيها اتضاعفوا مرتين او تلاتة تقريبا
قيادة امنية اخري : انا عاوز اقول ان قوات الامن المركزي تقدر تتعامل مع مظاهرات في ست او سبع محافظات في وقت واحد لكن الاهم ان طبيعة التعامل هتكون ازاي .. يعني احتواء و حصار و لا استعمال للقوة!
الوزير وقد بدت علي ملامحه درجة من الحسم و كأنه يتذكر غضب الرئيس :
الوزير : استخدام القوة طبعا .. مفيش مظاهرات تاني بأي طريقة . من اول الاعتقالات لغاية استعمال القوة .. دي الاوامر .
الصوت يختفي تماما و الكاميرا تتحرك في لقطة عامة علي مكان الاجتماع و قد بانت حدة النقاشات بما يوحي بترتيبات امنية جادة .
قطع
مشهد" 3 " نهار خارجي .. الشارع
ميدان عام يحتشد به الاف من المواطنين و سط حصار امني ضخم و لافتات مرفوعة تطالب بالعمل و انخفاض الاسعار و القضاء علي الفساد !
المواطنون يهتفون و يحاولون الخروج من الطوق الامني و نري و نسمع اطلاقا للنار و للقنابل المسيلة للدموع و نري اثنين من الشباب الذين اصيبوا بإطلاق النار و يبدو من المشهد انهم قتلوا و نري عشرات المصابين يحملونهم الشباب الي سيارة الاسعاف .
قطع
مشهد" 4 " مكتب الرئيس ... ليل داخلي
الرئيس مجتمعا باعضاء الحكومة علي طاولة اجتماعات كبيرة و يبدو الحزن واضحا علي ملامحه لكنه في ذات الوقت يتحدث بغطرسة شديدة و عصبية واضحة و قد خلع جاكيت البدلة :
الرئيس : ردود الافعال علي ضرب و اعتقال المتظاهرين بتتصاعد و يبدو ان الاجهزة الامنية زودتها شوية .. و المظاهرات خلال اليومين اللي فاتوا زادت و المطالب زادت ووصلت لكلام عن اطلاق سراح المعتقلين و تقديم قادة الاجهزة الامنية للمحاكمة انا مش فاهمم ايه الفوضي دي يعني ايه الكلام اللي بيقوله العيال دول .. و علي الناحية التانية الحكومات الغربية علقت علي القتلي و عددهم و رغم اننا قلنا انهم عشرين فيه جهات تانية قدرتهم بستين انا عاوز اسمع رأيكم رغم اني وصلت لقناعة لكن مش ح اعلنها الا بعد ما اسمع وجهة نظركم .. اتفضلوا !
لقطة عامة علي مكان الاجتماع و الكاميرا تتحرك لترصد الحوارات التي تدور بين الرئيس و وزرائه و تبدو علي وجوههم علامات الجدية !
قطع
مشهد " 5 " .. الشارع .. نهار خارجي
الكاميرا تتركز علي اكثر من صحيفة و عناوينها الرئيسية تحمل مانشيتات عريضة : " الرئيس يقيل وزير الداخلية " .. " الرئيس يقيل وزراء التموين و القوي العاملة " .. " اصلاحات اقتصادية كبيرة قريبا جدا " " خطاب هام اليوم للرئيس " و حوار بين اثنين من المواطنين في الشارع :
مواطن : دا كله ضحك علي الدقون .. يعني ايه اقالة شوية وزرا و الرئيس نفسه مش مسئول يعني .. جرايد مين دي بالظبط .. دي اكيد جرايد الرئيس مش الشعب .. دا العمال عندنا في المصنع ثايرين بدرجة كبيرة جدا .. و مش هنعديها المرة دي !
مواطن اخر : بيتعاملوا مع الشعب علي انه مغفل سيبهم ماشيين في نفس الطريق اكيد هيدفعوا التمن قريب المظاهرات ما وقفتش و مش هتقف اكيد .. احنا كمان العمال عندنا غضبانين جدا و فقدوا الثقة في الكلام ده كله!
بائع صحف يحملها و هو يتحرك في وسط المواطنين و السيارات المتوقفة في اشارات المرور " اقرا الخبر " " خطاب مهم للرئيس النهارده " " تغييرات اقتصادية كبيرة جدا " " اقرا الخبر .. اقرا الخبر " .. لكن لا احد يشتري !!
قطع
مشهد" 6 ".. بيت احد الاسر .. ليل داخلي
اسرة تلتف حول التليفزيون " اب و ام و اثنين و شاب و فتاه " يستمعون لخطاب الرئيس بتركيز و يبدو علي وجوهم علامات الاهتمام :
الرئيس : اعدكم بإصلاحات واسعة خلال الشهور القادمة .. اصلاحات سياسية تضمن حرية كاملة للاحزاب و القوي السياسية و الاعلام و الانترنت و تداولا سلميا للسلطة ، اعدكم باصلاحات اقتصادية و اجتماعية للقضاء علي البطالة و توفير الالاف من فرص العمل و محاربة الفساد و تقديم رموزه للمحاكمة . و اود التأكيد انني تعرضت للتضليل من قبل بعض المسئولين و المستشارين الذين سيحاسبوا علي ما فعلوا ثم انني اعلن لكم انني لن اترشح للرئاسة في الانتخابات الرئاسية القادمة بعد ثلاثة اعوام .
صوت الرئيس يختفي تدريجيا و قد ظهرت علي وجوه افراد الاسرة علامات الدهشة و التعجب و عدم التصديق
الاب : نفس الكلام بتاع كل مرة اللي بقاله سنين طويلة ما اتنفذش و مش هيتنفذ ابدا واضح انه مفيش فايدة
الابن : لا يا بابا دا كده فيه فايدة و نص سيادته عاوز يقعد 3 سنين تاني .. الناس مش هتصدق و مش هتقتنع و المظاهرات هتستمر لغاية ما تنتصر .. مش قادرين يحسوا بالناس !
الابنة : علي فكرة يا ماما احنا نازلين بكرة احنا الاتنين في المظاهرات بعد صلاة الجمعة .. ما تيجوا معانا .
الام و هي تبدو عليها علامات الخوف و لكنها تشعر ان ابناءها متحمسون
الام : خلوا بالكم من نفسكم .. ربنا يستر
الاب مقاطعا : انا عندي اعتصام بكرة في الشغل .. هشارك فيه طبعا
الابناء ينظرون الي بعض و تبدو علي وجوههم علامات السعادة التي يقطعها جملة الابن بطريقة مفاجئة :
الابن : انا داخل اكمل ..
الاب متسائلا : تكمل ايه ؟
الابن : اكمل حوار مع زملائي علي الفيس بوك و اكمل ترويج للدعوة لمظاهرة بكرة بعد الصلاة ..
الابنة " مستكملة حديث اخيها " : و انا كمان .. هركز علي المنتديات و المواقع و هبدأ في ارسال رسائل الموبايل لزميلاتي .. هما مش قفلوا لنا الجامعة خلاص هنتقابل في الشارع !
الابنة و هي تنظر لامها :
الابنة : ادعي لنا يا ماما
الام و هي تنظر للسماء :
" الام " : ربنا يوفقكم و يحفظكم
الابن و الابنة يتحركان كل منهم الي غرفته و هم يمسكون اجهزة الكمبيوتر و تظهر علي الشاشة صفحات موقع الفيس بوك و عدد من المدونات و المواقع الالكترونية و بيانات تدعو للثورة علي الرئيس و تقديمه للمحاكمة !
قطع
المشهد " 7 " الشارع .. نهار خارجي
ملايين المواطنين في مظاهرات عارمة في كل الميادين و الشوارع و المدن و القري و هم يهتفون مطالبين بسقوط الرئيس و تقديمه للمحاكمة وسط حصار امني و اطلاق للقنابل المسيلة للدموع لكن دون جدوي .. و ترصد الكاميرا صور منازل محترقة و حصار من قبل المواطنين لوزارة الداخلية وفيما نسمع في الخلفية صوت مذيع يعلن " الرئيس يقيل الحكومة و يدعو لانتخابات مبكرة و الجيش ينتشر في الشوارع ويفرض حالة الطواريء في البلاد " تستمر الكاميرا في التحرك لترصد استكمال المواطنين للتظاهر والهتافات واللافتات المطالبة " بسقوط الديكتاتور " ثم صوت مذيع يعلن بعدها بدقائق عن " مغادرة الرئيس للبلاد و انطلاق طائرته منذ دقائق .. و فيما تظهر صور للشباب و هم في غاية السعادة و يرفعون الاعلام احتفاء برحيل الديكتاتور ترصد الكاميرا صورة الشباب يهدمون تمثالا للديكتاتور في احد الميادين ثم مانشيتات صحف اليوم التالي وهي تحمل عناوين : " انتصار ثورة الشعب " " عهد جديد للديمقراطية و العدالة و الكرامة " " سقوط عهد الديكتاتورية "
قطع