شروق طب هذا القرن.. مدرسة القرن العشرين علي طريق الغروب
07/01/2011 09:30:07 م
مها عبدالفتاح
ترددت واحترت.. من أين يكون مدخلي الي هذه السطور، من باب المستقبل والطب الجديد، أم من الاكتشافات العلمية التي بسبيل أن تغير من وجه ممارسات العلاج المعهود؟ أم لأنه المرض الاكثر شيوعا بين الامراض.. أم تري هو مدخل الفخار فها هو عالم مصري آخر ينضم لصف العلماء والاطباء المصريين العالميين العظام..
هذا الطبيب العالم الباحث هو د. فؤاد قنديل وتذكروا هذا الاسم جيدا فقد يفوز بجائزة نوبل في المستقبل غير البعيد. جاء هذا العالم الي أمه الكبري ليمد جذوره هنا بوصلة من علم موقعه البعيد، حيث يرأس قسم مرض السكر بالمركز الطبي (سيتي اوف هوب) في لوس انجيليس - كاليفورنيا - أحد أكبر صروح البحث العلمي والعلاج لأخطر مرضين علي متسع الأرض: السرطان والسكر.
أما أهمية أو قل خطورة مرض السكر فهو لكونه المرض الاكثر شيوعا في العالم (285 مليون نفس حاليا) وكل معرض له بل وقد يعرض له دون ان يدري.. ومن الاحصائيات البيانية التي اعطاني اياها بروفسور قنديل نجد اكبر نسبة مرضي سكر في الولايات المتحدة (35٪) يليها الشرق الأوسط، فاذا شئتم تحديدا أكثر: دولة الامارات العربية هي الاكثر بنسبة (20.5٪) تليها االمملكة السعودية بعدها البحرين ثم الكويت ثم سلطنة عمان ثم مصربنسبة (15.5 ٪)...
من الحديث مع بروفسور قنديل نتبين أن الأبحاث العلمية المتقدمة تركز حاليا علي علاج السكر بنحو جذري من خلال تجارب الخلايا الجذعية، بل قد تتمكن الاكتشافات العلمية من استخلاص مصل يحصن ضد هذا المرض.. ومنذ عام 1999 تجري تجارب علي المرضي من خلال حقن المريض بخلايا بنكرياس سليم لمتبرع متوفي، ويستغرق الحقن نحو نصف ساعة بدون تخدير ولا ألم، ويتولاه طبيب راديولوجي يتابع سير الحقنة بأشعة ألترا ساوند في رحلتها من الوريد الي الكبد، لصعوبة الوصول الي البنكرياس مباشرة.. هذه التجربة أجريت علي 560 مريضا حتي الآن، ومع المتابعة المستمرة من خلال سجلات NIH المعهد القومي للصحة نجحت تجربة الشفاء حتي الآن بنحو 80٪ لمرضي السكر من الدرجة الاولي وهي الأشد.. 27 مركزا طبيا فقط ما بين أمريكا واوروبا واستراليا يزاولون هذه التجربة وقطعوا فيها اشواطا..
أبحاث بروفسور فؤاد قنديل تستهدف استخلاص الخلايا ليس من بنكرياس متبرع قد يحدث أحيانا ان يلفظها جسم المريض، انما باستخلاصها من الخلايا الجذعية، ويمكن استزراعها الآن من خلال التلقيح الصناعي بدون حاجة الي جنين مجهض..
بروفسور د. فؤاد قنديل الذي يرأس قسم السكر في ذلك الصرح الطبي منذ 12 عاما يجمع بين البحث العلمي والتطبيق كطبيب متخصص ممارس.. وهو يقود فريقا مكونا من 112 عالما وباحثا من بقاع العالم من بينهم العالم الامريكي (د. ارثر ريجز) الذي يعتبر في الأوساط العلمية بمثابة "الأب " لعلم السكر الحديث، من بعد اكتشافه أواخر السبعينيات التركيبة الكيماوية لهرمون الأنسولين الطبيعي وقام بتصنيعه في المعمل، وهذه طفرة علمية من بعد ما كان يستخرج من بنكرياس البقر والخنازير بكل الأضرار الجانبية... هذا الاكتشاف في حد ذاته حقق له وللمركز الطبي مليار دولار من حصيلة ال 2٪ من ربح بيع الاكتشاف، فأتاح انفاقا واسعا علي الابحاث العلمية للسكر تحديدا جعلت منه احد مراكز البحث العلمي المعدودة من نوعها في أمريكا والعالم.. و لندرك مدي احترام هؤلاء العلماء لبعضهم البعض يكفي للعلم ان صاحب هذا الاكتشاف يقبل الآن عن طيب خاطر وبلا عقد ولا أحقاد أن يعمل ضمن فريق يرأسه عالم آخر من أصل مصري يصوم رمضان وكل يوم خميس في الأسبوع... أي قيمة رفيعة تطاول علوم أصحاب هذه النفوس، وتخيلوا ما عساه يكون لو حدث مثل ذلك عندنا وبمنظورنا وبمعاييرنا!
مدرسة الطب العلاجي التقليدي بمفهومها الحالي وتطبيقاتها التي نألفها بسبيلها ان تتواري وتنحسر في المستقبل غير البعيد.. التطور بدأ يمارس، وقطع مسافات علي الطريق، وخلال مستقبل قريب لن يتعدي سنوات عشر علي الأكثر سيشهد الكون ومن يعيش منا من اكتشافات العلم وممارسات الطب ما يشبه روايات الخيال العلمي.. ولسوف يتندر الأبناء علي ما عايشه الآباء وكأننا نعيش اليوم زمن كان يا ما كان في سالف العصر والاوان... طب القرن الواحد والعشرين يقوم علي الخلايا والجينات والحسابات الدقيقة التي لا تحتمل التجربة ولا تعرف الخطأ، فمن الشفرة الجينية تستطلع كافة المفردات الجسمانية للفرد، وبنحو مبكر بحيث يمكن التعديل وتلافي المرض من قبل ان يبدأ.. مدرسة الطب التجريبي هذه التي تقوم علي اجتهادات الطبيب مدرسة علي طريق الغروب، والعلاج بسبيل ان يكون قائما علي حسابات دقيقة لكل فرد في حد ذاته و بناء علي معلومات مستمدة من جيناته.. فلا محل للتجارب ولا لاجتهاد قد ينجح او يخيب.. الطفرات العلمية القائمة علي الأبحاث والاكتشافات هي التي تغير حاليا من وجه ممارسة الطب والعلاج.. وعندما يذكر المستقبل في هذا المجال فالمعني لا يتعدي حدود العشر سنوات بل ما هو أقل.. التشخيص دقيق باطعام الكومبيوتر كل البيانات والمعلومات المستمدة من الجينات، العلاج محسوب بدقائقه مرسوم للشخص بعينه.. ومن هنا يمكن تحديد العلاج عن بعد قارة مثلا، وبلا فحص مباشر للمريض.. وعلينا ان ندرك ذلك من الآن ونعيد النظر في منظومة دراسة الطب التقليدية وهذا مجرد جرس للانذار..
ونواصل الاسبوع القادم بإذن الله