فرصة نادرة للتسلية
بقلم:
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] حين قال الرئيس حسنى مبارك فى تعليقه على فكرة البرلمان
الموازى الذى تحدثت عنه أحزاب المعارضة «دعوهم يتسلَّوا»، فإننى ظللت أتدبر
كلامه طوال الأيام الماضية، إلى أن فهمته أخيرا على نحو يختلف عن ذلك الذى
شاع فى أوساط المثقفين والسياسيين المصريين. ذلك اننى ثقة فى حكمة الرئيس
وخبرته رفضت أن آخذ الكلام بظاهره، واستبعدت اعتباره نوعا من الاستخفاف
بالأحزاب الشرعية التى ذكر الرئيس فى أكثر من مرة أنها جزء مقدر من النظام.
وقد تحقق حدسى حين تابعت جلسات مؤتمر الحزب الوطنى، واستمعت إلى كلمات
قادته.
وحين وجدت أنها تحولت إلى منافسة فى البلاغة اللغوية واللعب
بالألفاظ والأفكار، أدركت كم هى مسلية أيضا. الأمر الذى دعانى إلى إعادة
النظر فى الانطباع المسطح والشائع عن تعليق الرئيس، ونبهنى إلى أنه لم يقصد
الغمز فى مبادرة أحزاب المعارضة والاقلال من شأنها، وانما قصد بلباقته
المعهودة أن يقول إن الحزب الوطنى لن ينفرد وحده بتسلية الجمهور، ولكن هناك
فرصة مواتية لإشراك أحزاب المعارضة فى تلك المهمة الوطنية. بما يعنى أنه
سيتم توزيع الأدوار بحيث يقوم الحزب الوطنى بعروض التسلية الخاصة به فى
قاعة المؤتمرات، فى حين تؤدى أحزاب المعارضة «واجبها» فى الشارع.
إذا
لم تصدقنى فحاول أن تتابع جلسات المؤتمر على شاشات التليفزيون ومن خلال
الصفحات التى تخصصها لها الصحف القومية كل صباح، إذ ستجد أن قيادات الحزب
الوطنى بذلت جهدا مشكورا فى تسلية الجمهور، وانه اتقن العملية بحيث قدم
عروضه بصورة متقنة اتسمت بالاحتشام والرصانة، بحيث يبدو لك الكلام جادا
للغاية، لكنك إذا اعدت قراءته، وتأملت رسالته ومعانيه جيدا ستستلقى على
قفاك من شدة الضحك، وستسارع إلى دعوة من تعرف للانضمام إليك للاستمتاع معك
بفقرات التسلية والترويح.
لدى الكثير من النماذج التى تدلل على ما
أقول، لكننى سأكتفى بإيراد بعض الفقرات التى وردت فى كلمات قيادات الحزب
الحاكم يوم الأحد الماضى، التى كشفت عن وجه آخر غير معهود فى نمط القيادات
السياسية، اتسم بقدر كبير من سعة الخيال وخفة الظل والقدرة على المرح
المحتشم، من تلك الفقرات ما يلى:
● اننا نعد انفسنا ونؤهل كوادرنا
لعام الحسم الوطنى القادم، واثقين فى قدرة حزبنا وثقة شعبنا، فخورين بإنجاز
وحكمة وقيادة زعيمنا فى الحاضر والمستقبل.
● ان هناك تطورا كبيرا
حدث وغيَّر من وجه الحياة على أرض مصر. وان هناك تحسنا واضحا فى الخدمات
العامة والرعاية الاجتماعية والصحية. فضلا عن حدوث طفرة اقتصادية كبيرة
أتاحت للملايين فرص العمل، كما وفرت مساحة غير مسبوقة لحرية الرأى
والتعبير.
● إن الحزب الوطنى يتصدى بكل قوة وحسم لأى جرائم تتعلق
بسوء استخدام السلطة أو التعدى على المال العام، وانه يصر على محاسبة
مرتكبيها وعدم التهاون معهم حتى لو كانوا بين صفوف الحزب.
● ان ضعف
تمثيل المعارضة تحت القبة فى البرلمان الحالى لا يعنى ضعف المساءلة ــ وسوف
يقدم الحزب نموذجا جديدا للرقابة السديدة فى البرلمان الجديد.
● إن
أمامنا مرحلة جديدة لتوسيع دائرة المشاركة السياسية لتشجيع الشباب
والشابات على الانخراط فى النشاط السياسى والمشاركة فى انشطة المجتمع
المدنى.
● سيظل الحزب الوطنى متابعا ويقظا وملاحقا لأى خروج على
التعددية الحزبية ومبادئ الدولة المرئية التى حددها الدستور ونظمها
القانون. وأمامنا عام من العمل الجاد، نبصر الناس بالحقائق ونكشف زيف
المدعين وحملة الاجندات الأجنبية وفلول الخاسرين فى الانتخابات البرلمانية.
●
كنا ننتظر أول انتخابات برلمانية للفوز بثقة القوة الصامتة المتابعة من
أبناء مصر الواعين لما يجرى على أرض الوطن من انجاز. وكنا نعد انفسنا على
مدى خمس سنوات للفوز بثقة الغالبية من الطبقات والفئات والعمال والفلاحين..
كنا ننتظر ونستعد ليوم الاختبار والمواجهة. كتابنا فى يميننا. صفحاته تشهد
بالوفاء بما تعهدنا به.. وتحققت ثقة الشعب فى الحزب الوطنى فى انتخابات
2010. وحصوله على أغلبية تمثل فى حقيقتها توكيلا شرعيا دستوريا لمواصلة
المسيرة للوفاء بتعهداتنا ومواصلة انجازاتنا لسنوات خمس مقبلة.
●
لقد التزمنا بمبدأ مهم فى الانتخابات. وهو خسارة مقعد بشرف أفضل من الفوز
به بغير حق. وليس منا من يعبث بصندوق أو يفسد ورقة اقتراع.
● إن
الحزب الوطنى بدأ من الآن فى الإعداد لانتخابات مجلس الشعب عام 2015
وتسبقها انتخابات الشورى فى 2013. بينما تفصلنا عشرة أشهر عن انتخابات
الرئاسة. ويتوقع الوطنى عودة المعارضة لمجلس الشعب عام 2015.
أراهن على أن أحزاب المعارضة تستطيع أن تقدم عرضا مماثلا للتسلية، وأثق فى أن الحزب الوطنى سوف يكتسحها عن جدارة فى هذا المضمار.