منتديات انا المصرى
المخرج والنص في مسرحية أنتيجونا لسوفوكلس   613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا المخرج والنص في مسرحية أنتيجونا لسوفوكلس   829894
ادارة المنتدي المخرج والنص في مسرحية أنتيجونا لسوفوكلس   103798
منتديات انا المصرى
المخرج والنص في مسرحية أنتيجونا لسوفوكلس   613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا المخرج والنص في مسرحية أنتيجونا لسوفوكلس   829894
ادارة المنتدي المخرج والنص في مسرحية أنتيجونا لسوفوكلس   103798
منتديات انا المصرى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتديات انا المصرى....سياسى...اجتماعى....ثقافى...
 
الرئيسيةالتسجيلالبوابةأحدث الصوردخول

 نسال كل اعضاء وزوار منتدى انا المصري الكرام الدعاء لصاحب هذا المنتدى  الاستاذ المهذب رحمه الله وادخله فسيح جناته وجعل قبره روضة من رياض الجنه , لنتعاهد سويا ان لا نضع في هذا المنتدى الا كل ما هو صالح ليجعل الله عمله في الدنيا موصولا بالاخرة ,,,جزاكم الله كل خير


 

 المخرج والنص في مسرحية أنتيجونا لسوفوكلس

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
المهذب
مدير المنتدى
المهذب


عدد المساهمات : 3792
تاريخ التسجيل : 24/09/2010
الموقع : انا المصرى

المخرج والنص في مسرحية أنتيجونا لسوفوكلس   Empty
مُساهمةموضوع: المخرج والنص في مسرحية أنتيجونا لسوفوكلس    المخرج والنص في مسرحية أنتيجونا لسوفوكلس   I_icon_minitimeالأربعاء ديسمبر 22, 2010 4:41 pm



المخرج والنص في مسرحية
أنتيجونا لسوفوكلس
المخيلة تصنع الحياة الافتراضية علي الخشبة

راجي
عبدالله
لا وجود لمخرج معين في العودة الي مسرحية أنتيجونا لسوفوكلس. بل أن
وجوده وجوداً افتراضياً للدلالة علي الموضوع ومقدار أهميته.
فلقد تمت الإشارة
في الحقل الأول إلي دور المخرج في العمل علي النص، إذا كان المؤلف علي قيد الحياة،
مما تتاح له فرصة دراسة النص المسرحية، بطريقة أفضل. خاصة أن المؤلف ينتمي إلي نفس
العصر، أي ينتمي إلي نفس الاسقاطات الاجتماعية والصراعات النفسية، وكذلك له معرفة
بالتقنيات الحديثة المتوفرة علي خشبة المسرح. مما سيمكنه ذلك من كتابة المسرحية
بالطريقة التي يجدها مناسبة لتلك التقنيات التي يعرفها المخرج بالذات. وقبل الدخول
في تسليط الأضواء علي هذا الحقل الجديد، لا بد من الإشارة أيضاً إلي أن طريقة تحليل
آليا كازان للمسرحية السابقة، قد أعطتنا فكرة جيدة عن طريقة المخرج في تحليله للنص،
والعمل عليه لتطويره فيما بعد من خلال تنفيذه فيما بعد تنفيذاً جيداً علي خشبة
المسرح.
وهنا يمكن القول أن لكل مخرج طريقته في التحليل ولكل مخرج مخيلته التي
تمكنه من رؤية هذا النص بهذه الطريقة أو تلك.
لكن قواعد التحليل وأصوله تبقي
متشابهة تقريباً، إذا اختلفت المذاهب المسرحية ومدارسها.
ومن هذا المدخل يمكننا
تحليل مسرحية أنتيجونا، للمؤلف اليوناني القديم سوفوكليس،
الذي ينتمي إلي عصر
ظهور الكلاسيكية القديمة وإلي مرحلة نشأة المسرح الأغريقي في
(500 ــ 400) سنة
ق. م. علي أقل تقدير.
ودور المخرج المعاصر (المجهول) في دراسة هذا النص، والعمل
عليه بطريقة تتلاءم
مع روح العصر إذا أراد إخراجه في الوقت الراهن.
ليس من
السهل جداً أن نجد عقدة مسرحية بالغة الدقة والعمق مثل مسرحية أنتيجونا،

ومسرحية أوديب ملكاً التي كتبها المؤلف المذكور.
فكلا المسرحيتان مازالتا
تؤثران فينا تأثيراً بليغاً، مثلما أثرتا في الأجيال السابقة التي عاشت
قبلنا.
نظراً لأنهما تعالجان حالتين هامتين نشترك فيها جميعاً كبشر، ألا وهما
القضاء والقدر، وتعلق الأبناء بالأمهات تعلقاً يؤدي في النهاية إلي نتائج مأساوية.

وبالتأكيد فإن هذه الحالة الإنسانية الشاملة، هي التي جعلت غالبية الناس يطلقون

عليها لحد الآن ــ عقدة أوديب ــ علي الرغم من مرور آلاف السنين.
أما في
مسرحية ــ أنتيجونا ــ التي نحن بصددها، فالمخرج المسرحي يجد فيها جميع قواعد

المسرح الكلاسيكي القديم.
أي أنها تجري في مكان واحد وإن فعلها لا ينقطع،
إلا حينما تتدخل ــ الجوقة ــ
للإنشاد التي تنشد أشعار تعليمية أو أنها تعطي
إشارات تأملية إلي الفعل المسرحي
والأفعال اللاحقة:
الجوقة: (36) لم يبق إلا
هذان الشقيان منحهم الحياة دم واحد، فأمضي كل منهما رمحه في صدر صاحبه، وكان لهما
من الموت مورد واحد، ولكن النصر يخلد الذي يخلد الأسماء قد زار ثيبة فأنزل بها
السرور، منزل الحزن والألم، إذن فدعوا عنكم ذكري الحرب يا معشر أبناء ثيبة ! ولنذهب
إلي معابد الآلهة فنقبلها طوال الليل،
وليقم ديونيسوس بعد أن أمدنا جميعاً
بنشوته من ألعابنا مقام الرئيس. ولكن هذا كريون بن مينيكيوس ملكنا الجديد الذي ولته
أمورنا نعمة الآلهة.
إن فعل الجوقة هنا ليس فعلاً إخبارياً فقط، بل هو فعل
درامي يصف ما حدث من مأساة
وما سيأتي من حدث آخر جديد.
فقد قتل (الأخوين
التعيسين) أحدهما الآخر كما ورد علي لسان أنتيجونا في مشهد سابق
. هذان الأخوان
هما شقيقا إنتيجونا نفسها، وهما ولدا رجل تزوج أمه (أوديب) دون أن
يعلم أنها
أمه، ففقأ عينيه بعد أن عرف بالأمر.
كل ذلك قد وقع بفعل القضاء والقدر وبمشيئة
ــ الآلهة ــ حسب العقائد اليونانية القديمة. ثم بعد ذلك جاء دور كريون ليكون ملكاً
علي المدينة. وبهذا اختصرت الجوقة أفعالاً درامية من الصعب تصويرها تصويراً مباشراً
علي خشبة
المسرح نظراً لسعة أحداثها، وافتقار المسرح ــ آنذاك ــ للوسائل
التقنية والبشرية
التي تؤدي إلي تصويرها، كمشاهد استهلالية لها علاقة بما سبق.

بالإضافة إلي أن العودة إلي أصل المشكلة أو ــ العقدة ــ التي أشرت إليها تتطلب
وقتاً
زمنياً طويلاً، قد يتجاوز الليلة القمرية الواحدة التي كانت تقام فيها
تلك العروض
المسرحية ــ آنذاك -.
صحيح أنه كانت هنالك عروض متواصلة لعدة
أيام، تسلط الأضواء علي موضوع المسرحية
التالية، ويتم ربطها باليوم التالي في
مسرحية أخري.

وسائل حديثة
لكن ذلك لا يتم في المسرحية الواحدة، ولا
يحتاج الجمهور إلي العودة من جديد إلي المسرحية التي شاهدها في اليوم السابق ــ
أوديب ملكاً ــ أو أن يكون قد حفظ أحداثها
عن ظهر قلب.
إن المخرج يعلم أن
مسرح اليوم بوسائله الحديثة لا يستطيع التعامل تقنياً مع كل
الأحداث المسرحية،
حتي إذا استطاع المزج بينها وبين التقنيات التي توفرها ــ
المشاهد السينمائية
ــ أو التلفزيونية ــ وحتي السلايدات التي يمكن استخدامها أيضاً
لهذا
الغرض.
أضف إلي ذلك أنه يدرك أن المشاهد الاستهلالية بمجملها، لا تتطلب جهداً
استثنائياً
وتقنياً عالياً منذ البداية.
والسبب في ذلك، أنه إذا وفر كل
التقنيات لتلك المشاهد في البداية فماذا سيوفر
للمشاهد التالية من تقنيات أيضاً
وكم يتطلب ذلك؟
كما أن المخرج في عمله علي النص، يمكنه أيضاً التعامل مع الجوقة
بطريقة مغايرة، من خلال تحويل النثر أو الشعر إلي أفعال مغناة وملحنة بطريقة درامية
مؤثرة.
كل ذلك يحدث من خلال دراسة واقع النص والقدرة علي تحويلة من حالته
المجردة إلي
حالته الفعالة الجديدة. فالموسيقي تلعب دوراً هاماً في مسرحنا
الحديث،ويمكن الاستعانة بها لهذا الغرض، لكي لا يبقي الإنشاد إنشاداً علي الطريقة
الكلاسيكية
القديمة، بل يأخذ أسلوباً حياتياً جديداً.
إذن فإننا نري من
خلال النص صراعاً عنيفاً بين الحقائق ونتائجها، لقد قتل كل من
ولدي ــ أوديب ــ
بعد أن تحاربا، وعاشت من بعدهما أنتيجونا وأسمينا، بينما أصبح
خالهما كريون
ملكاً علي ثيبة.
وهنا تري أنتيجونا ــ الأخت الكبري ــ أن الواجب يحتم عليها
دفن ــ القتيل ــ سواء كان
أخاها أم لم يكن. ففي ذلك موقف إنساني كبير لها
وسعادة روحية له في الآخرة.
لكن كيف يمكن أن يتم الدفن وقد أمر الملك ــ كريون
ــ بعدم دفن القتيل الذي خان شرف
بلاده؟
مع ذلك فإنه بالنسبة لإنتيجونا، إن
الاحترام الذي يربط أفراد أسرتها ببعضهم، يجب أن يستمر في الحياة ويحافظ عليه في
الموت.
لذلك أقدمت علي دفن أخيها (بولينيس) علي الرغم من مشيئة الملك.
ولكن
الملك ــ كريون ــ يمتلك سلطة قانونية وشرعية، تحتم عليه أيضاً أن يتخذ ذلك

القرار الذي كان متبعاً آنذاك وأن يطاع من الجميع (37):
كريون: (لأنتيجونا)
ماذا ! أتظلين مطرقة إلي الأرض من غير أن تنكري ما
تؤخذين به؟
أنتيجونا: كلا.
بل أنا أعترف به، وأنا أبعد الناس من إنكاره.
كريون: (إلي الحارس) انصرف و أذهب
حيث شئت، فلا بأس عليك (إلي أنتيجونا) أما أنت فأجيبي من غير محاولة، أتعلمين أني
قد كنت حظرت مواراة بولينيس.
أنتيجونا: نعم.أعلم هذا. وهل كان يمكن أن أجهله وقد
أعلن للناس كافة؟
كريون: وكيف جرؤت علي مخالفة هذا الأمر؟
أنتيجونا: ذلك لأنه
لم يصدر عن ــ زيوس ــ (38) ولا عن عدل مواطن آلهة
الموتي. ولا عن غيرها من
الآلهة الذين يشرعون للناس قوانينهم.
وما أري أن أمورك قد بلغت من القوة بحيث
تجعل القوانين التي
تصدر عن رجل أحق بالطاعة والإذعان، من القوانين التي تصدر

عن الآلهة الخالدين ! تلك القوانين التي لم تكتب، والتي ليس إلي
محوها من
سبيل. لم توجد مثل هذه القوانين منذ اليوم ولا منذ
الأمس. هي حالة أبدية خالدة.
وليس هنالك من يستطيع أن يعلم
متي وجدت. ألم يكن من الحق علي إذن أن أذعن لأمر
الآلة من
غير أن أخشي أحداً من الناس؟ و قد كنت أعلم أنني ميتة وهل كان

يمكن أن أجهل ذلك حتي إذا لم تنطق به؟ لئن كان موتي سابقاً
لأوانه فما أري
في ذلك إلا خيراً....
كريون: أتظنين أنك أبعد نظراً من أهل ثيبة
جميعاً؟
أنتيجونا: إنهم يرون رأيي، ولكنهم يلتزمون الصمت بين يديك.
كريون:
ألا يخزيك إذن أن تسلكي سبيلاً غير التي سلكوها.
أنتيجونا: ليس هنالك ما يحمل
علي الخزي إذا شرف الإنسان من يصل الدم بينهم
وبينه.
في هذا المشهد السابق
تتضح لها جملة أمور، من أهمها، أن البعد الإنساني هو الذي
جعل إنتيجونا تدفن
أخاها، علي الرغم من أنه قد بادر بقتل أخيه الذي كان قد ضحي
بنفسه من أجل وطنه.

هذا الموقف الأخلاقي يرتبط أيضاً بالشرائع الغيبية كما ورد علي لسانها. بينما
نجد
كريون يقف في الطرف الآخر من هذه المعادلة الأخلاقية المعقدة.
إنه حكم
القضاء الذي أجمع عليه أهل ثيبة. مع ذلك، فأن أهل ثيبة لم يجمعوا علي
ذلك كما
ورد في النص، من خلال ــ الجوقة ــ التي تمثلهم.
بل ورد أنهم مغلوبون علي أمرهم
ولا يستطيعون تحدي كريون ــ الملك ــ حتي إذا كان في
ذلك موقفاً إنسانياً
وأخلاقياً وحتي دينياً.
إذن السطوة والسيطرة هي المحرك الأساسي للأفعال،
وبجانبها يقف الضعف الإنساني في
الكفة المقابلة بكامل كبريائه وشجاعته.
إن
في هذا المشهد إسقاطاً علي حاضرنا بكل ما يحمله من تناقضات، بين منطق القانون

المتمثل في سلطة ما وبين المنطق الإنساني الآخر.
وهذا الإسقاط يمكن المخرج
في العصر الراهن من التعامل معه، علي أساس أنه فعل واقعي في حياتنا المعاصرة وليس
فعلاً خيالياً، فهو يحدث هنا وهناك ويتكرر باستمرار في عموم بقاع الأرض.
من
جانب آخر فإن التحليل الموضوعي يدعونا أيضاً إلي التوقف عند حقيقية
أخري:

أن الملك ليس مجرد طاغية أو حاكم بأمره، لأن أخ أنتيجونا كان مخطئاً جداً
وفعلته
آثمة لا تغتفر، كما أن مقاصد الملك كانت مقاصد طيبة.

العقدة
والتحدي
لكن العقدة الرئيسة في المسرحية، تدعونا إلي التركيز في دراسة المسرحية
علي فعل
التحدي. فمن يجرؤ علي دفن قتيل قد كان جزاؤه القتل؟ إن هذه معضلة مؤلمة
وليس فيها
شيئاً من المبالغة أو الاصطناع.
إن أسمينا أخت أنتيجونا قد فضلت
أن تطيع أختها قرار الملك قبل دفن أخيها القاتل ــ
القتيل، لإيمانها به من جهة
وخوفها منه من جهة أخري، علي الرغم من أنه خالهما
الحقيقي.
وهذه الشخصية ــ
أسمينا ــ تقف علي النقيض من شخصية أختها الشجاعة التي تقوم بتلك الفعلة ثم يلقي
القبض عليها وتحكم بالموت.
بيد أن هذا الفعل الدرامي قد أنتج فعلاً درامياً
أقوي، هو حرمان أنتيجونا من
الزواج أيضاً، وحرمانها في أن تكون أماً شأنها شأن
بقية الأمهات، فهي مخطوبة
في الأساس إلي هايمون إبن الملك (39):
كريون: أي
خائن ! يصلح لأن تملكه امرأة !
هيمون: لن تراني علي الأقل وقد قهرتني شهوة
مخجلة.
كريون: لا تتكلم إلا دفاعاً عنها.
هيمون: بل دفاعاً عنك وعن نفسي وعن
الآلهة الموتي.
كريون: لن اسمح لك بان تكون لك زوجاً. إنها ستموت.
هيمون: لئن
ماتت، فليتبعن موتها موت آخر.
كريون: كيف؟ أتبلغ بك الجرأة أن تهددني؟
هيمون:
أ أهددك حين أحارب فيك عواطف ظالمة؟
كريون: سأعلمك أن تكون أشد عدلاً في عواطفك
وميولك.
هيمون: لو لم تكن أبي لقلت أن عواطفك تضاد العقل.
كريون: أيها العبد
الدنيء الذي تملكه امرأة، لا تثقل علي بلغطك.
هيمون: تريد أن تتكلم من غير أن
تسمع شيئاً.
كريون: قد يكون ذلك، ولكني أقسم بأليومبيوس أنك لن تثقل علي
بإنكارك
غير أن تلقي في سبيل ذلك ما تستحق من جزاء (إلي حرسه)
لتقد هذه
المرأة البغيضة، ولتجد بنفسها في أسرع وقت بأعين
حبيبها.
هيمون: لن تجود
بنفسها بين يدي، لا تظن ذلك، ولكن عينيك لن ترياني بعد. لأتركنك نهباً لما يملكك من
غيظ مع أصدقائك الذين يتملقونك
(يخرج).
وهنا يصبح الحب ليس حباً عادياً، بل
هو حب مقدس قدسية الواجب الإنساني، وهو أعلي شأناً من طاعة الابن لأبيه حتي إذا كان
الأب مخطئاً.
إنه حب يقترن بالدفاع عن المنطق والتفكير السليم، لا الحب الذي
يبني علي العواطف
فقط، وهنا تكمل المعادلة الغريبة في هذه المواجهة الساخنة بين
الملك كريون وابنه
هيمون.
ففي الوقت الذي يتصور فيه كريون أن قرار حكمه
يستند إلي قوة القانون ومنطقه، فإن
هيمون الشاب الذي يكون من السهل علي العواطف
أن تتحكم فيه، نجده يحذر أباه مطالباً إياه أن يتصرف بعقل وحكمة، بدل أن يتصرف
بعواطفه.
إن هذه التناقضات في الفعل والموقف يمكن للمخرج أن يبني عليها تصورات
كثيرة عند
عمله علي هذا النص.
فالنقائض متوفرة بشكل لا جدال فيه، وهي تؤدي
دورها الدرامي بشكل تلقائي حول
موضوعة الحب التي تتكرر في كل زمان
ومكان.
لكنها في هذا المشهد تأخذ منحي آخر. المنطق والموقف الإنساني أعلي كثيراً
من
العواطف وأبلغها تأثيراً.
ومع أن كريون يرغب في أن يغفر لولده هذا
الموقف وأن يتسامح معه، لكنه كان يشعر أن
أي ضعف إنساني منه سيؤدي إلي تدمير
دولته وسيعرضها للخطر.
كما أن هنالك صراعاً آخر يسيطر عليه أيضاً، ذلك التقريع
الكبير الذي وجهه له ابنه
ووجهته له الجوقة مما زاده حنقاً واستياء.
إن هذا
الصراع بين الشخصيات هو شيء متعارف عليه في المذهب الكلاسيكي خاصة عند شاعر

عظيم مثل سوفوكليس، وهو شيء متعارف عليه في مرحلة الرومانسية أيضاً.
فهي
مدارس تعتمد علي الحبكة الدرامية وتفجيرها، بحيث تصل إلي الذروة وتجعل المشاهد

يفكر بالنهاية قبل وقوعها، ويترقب ذلك بكل انتباه.
هنا يبرز عامل التواصل
مع الجمهور وهو من العوامل الأساسية في كل الأعمال الدرامية
. وعليه فإن المخرج
سيجد مادة خصبة تتوفر فيها كل شروط المتعة والترقب أيضاً.
مما ستتيح له دون شك
اختيار أفضل المعالجات الإخراجية بما يتلائم مع الذائقة
السائدة في زمنه وعصره.

ولأن هذه المعضلات جميعها هي معضلات حقيقية، لا تقبل أبداً بالحلول الجزئية ولا

بالمفاجئات السعيدة، فإنها ستنتهي حتماً نهاية مأساوية (40):
أنتيجونا: يا
للقبر !! يا لسرير العرس !! يالك من منزل تحت الأرض لن
أبرحه أبد الدهر. فيك
سألقي من استقبلهم (برسيفينه) في
مقر الموتي من أسرتي. سأهبط إلي الجحيم قبل أن
يحل الأجل
الذي كتبه لي القضاء. وإني لآخر أسرتي وأشقاها، ولكني
أهبط وأني
مملوءة أملاً أن يكون حضوري مصدر سرور لأبي
وقرة عين لك يا أماه ! ولك أيها
الأخ العزيز أيضاً. فإن يدي
لم تهمل بعد موتك ما كان يجب من عناية بك. وسقي
لثراك،
وتقريب إلي نفسك. فأنظر أي ــ بولينيس ــ العزيز ماذا ألقي
من جزاء
علي القيام بواجبي !!
وفي المشهد التالي الأخير لشخصية إنتيجونا في المسرحية تصل
هذه الشخصية إلي ذروتها
، بعد أن تذكر ما يمكن ذكره من حقوقها كانسان وامرأة.
فهي تخاطب أسوار مدينتها،
وتنادي أهل ثيبة، ووطنها، ليس من أجل إنقاذها، فقد
صدر الحكم، لكنها تناديهم
من أجل شيء آخر:
أنتيجونا: (يقودها الحرس) يا
لأسوار ثيبة ! يا لوطني ! انظروا إلي ملكتكم، وحيدة مخذولة، ماذا يثقلها من إهانة،
ومن أي يد ينالها السوء، لأنها قامت بما يجب عليها من التقوي.
إن هذا الحوار
الأخير يكشف لنا بعداً آخر من الصراع، إذ أن كريون قد أصبح ملكاً وهي الأولي به
منه، فهي الوريثة الحقيقة لأبيها الملك ــ أوديب ــ ووريثة لأمها
الملكة أيضاً.

فهل يعني أن كريون أراد القضاء عليها وعلي أخويها لكي يحقق مآربه؟ إن الجواب
علي ذلك يقودنا إلي مسألة نظرية الاحتمالات، إذ أن كل شيء محتمل الوقوع إذا كان ذلك
الاحتمال يستند إلي الأدلة.


Azzaman
International Newspaper - issue 3652 Date 22/7/2010

جريدة (الزمان)
الدولية - العدد 3652 - التاريخ
22/7/2010

AZP09
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
المخرج والنص في مسرحية أنتيجونا لسوفوكلس
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات انا المصرى :: منتديات انا المصرى :: الفن والطرب الاصيل :: المسرح-
انتقل الى: